لطالما حددت المواد مستقبل البشرية. ومع اكتشاف كل مادة جديدة تحدث ثورة في الطريقة التي نتكيف بها مع العالم، حتّى إننا نسمي عصور تقدم البشرية القديمة بأسماء المواد التي شكلت أدوات تلك العصور، فتجد العصر الحجري والعصر البرونزي والعصر الحديدي.
وفي كل من تلك المراحل الزمنية، اعتمدت التكنولوجيا بالكامل على هذه المادة، أما الآن فيبدو أننا على مشارف عصر جديد من تاريخنا، ألا وهو عصر الغرافين.
عصر الغرافين
قبل أيام عدة أعلنت شركة نانوتك إينرجي عن توصّل الفريق البحثي الخاص بها للطريقة المثلى لإنتاج الغرافين، إذ وصلت مساحة سطح الغرام الواحد من هذا المنتج الجديد الخاص بها إلى 2500 متر مربع، مما يعني قفزة كبيرة عن أقرب منافسيها من الشركات التي كانت حدودها هي دائما 400 إلى 500 متر مربع من الغرام الواحد.
“الغرافين هو ثورة حقيقية”، كما يقول ماهر القاضي مدير قسم البحث العلمي بشركة نانوتك إنيرجي وأحد مؤسسيها، والباحث ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، في حديثه مع الجزيرة نت.
ويضيف الباحث “يسميها البعض بالمادة العجيبة لما لها من خواص فريدة تجعلها من المواد المرشحة لإحداث نقلة ثورية في تكنولوجيا الإلكترونيات”.
الغرافين هو -ببساطة- نوع من الكربون. حينما تكتب بالقلم الرصاص على ورقة بيضاء فأنت تضع طبقة رقيقة جدًا من ذرات الكربون على الورقة، لكن رغم رقّتها الشديدة فإنها تحوي عددا كبيرا جدا من طبقات ذرّات الكربون، ويكفي أن تعرف أن عرض الشعرة البشرية الواحدة هو مليون ذرة.
بدأت ثورة الغرافين في العام 2004 حينما أعلن كل من كوستيا نوڤوسيلوڤ وأندريه جايم تمكنهما، بطريقة مفاجئة، من عزل ذرات الكربون عن سطح الغرافيت (المادة الموجودة في القلم الرصاص) على شكل طبقة بسمك ذرة كربون واحدة ممتدة تتجمع فيها الذرات في صورة حلقات سداسية متكررة.