من بين الأمور الملموسة في حدث الإعلان عن خدمات آبل قبل أيام وأكثرها إثارة للاهتمام: بطاقة ائتمان أطلقت عليها الشركة اسم “آبل كارد” (بطاقة آبل)، بنسختين ملموسة تحمل علامة ماستر كارد، ورقمية في تطبيق “والت” (المحفظة) لهواتف آيفون.
ووفقا لآبل فإن الهدف من هذه البطاقة هو أن تكون أسهل في الاستخدام والفهم من معظم بطاقات الائتمان التقليدية، وهي تقدم كذلك بعض المزايا الملفتة، مثل عدم استقطاع رسوم، وبرنامج مكافآت يومية.
ولكن تحت غطاء بطاقة ائتمان من التيتانيوم عليها شعار آبل، فإن الشركة تحدد بوضوح مستقبلها لما بعد آيفون، وهو مستقبل تسود فيه الخدمات، وذلك باتباع صيغة لم يعهدها المستخدمون من قبل.
في هذه الحالة، قررت آبل أنها تحتاج إلى منتج تقليدي، حتى لو كان منتجا مشكوكا فيه أخلاقيا مثل بطاقة ائتمان -بحسب تعبير موقع ذا فيرج المعني بشؤون التقنية- للترويج لخدمة الدفع الإلكتروني “آبل باي”. فرغم أن المحفظة الرقمية ومنصة الدفع تنمو بشكل سريع، فإنها لا تزال تستخدم من قبل أقل من نصف مالكي آيفون على مستوى العالم (وأقل من هذا العدد في الولايات المتحدة).
وتماما مثلما ترى آبل أن التنافس مع نتفليكس وشركات الكابل الكبرى جزء من مستقبلها من خلال إنشاء برامج تلفزيونية خاصة بها واستقطاب نجوم هوليود، فإن الشركة أصبحت ترى أن الوضع الحالي لا يؤدي إلى طريق فعال نحو “آبل باي”.
ورغم أن آبل باي قد تكوّن رؤية جريئة للمستقبل، فإن من المرجح أن تمر سنوات قبل أن تصبح الدفعات الرقمية سائدة حقا في الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، تريد الشركة أن تبيعك خدمات جديدة: بطاقة ائتمان، حزمة كابل، اشتراك في مجلة، على أمل أن تتمكن من جعل برامجها وخدماتها جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية مثل هاتفها الذكي.
خلال مؤتمرها الخاص أعلنت آبل عن إطلاق خدمة بث فيديو خاصة بها وخدمة أخبار وبطاقة ائتمان (الفرنسية) |
فتغيير الصناعات من الصفر لم يعد خيار آبل، خاصة لأنها تلعب دور اللحاق بشركات مثل نتفليكس وسبوتيفاي.
وإستراتيجية آبل هي صورة عن إستراتيجية أمازون، فقد بدأت شركة التجارة الإلكترونية العملاقة ببيع منتجات جديدة حقا والأفضل في فئتها مثل حواسيب “كندل” اللوحية، ثم مكبرات الصوت “إيكو” التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. لكن الشركة استغلت منذ ذلك الحين حسن نية المستهلك التي اكتسبتها والقوة التي تتمتع بها في متجرها الإلكتروني لبيعه كل شيء من أجهزة الميكروويف وساعات الحائط إلى الملابس واللوازم المنزلية وبطاريات الأصبع (AA) التي تحمل علامة أمازون بيسكس.
وتفعل آبل الشيء ذاته، مستخدمة آيفون باعتباره البوابة النهائية لتحويل كل مستخدم لنظامي آي أو إس وماك إلى سلسلة من دفقات الإيرادات المتعددة المتكررة من منتجات مصنوعة من طرف ثالث، سواء أكانت موسيقى آبل (آبل ميوزك) أو أخبار آبل (آبل نيوز) أو آيكلاود أو تطبيق التلفزيون الجديد.
وكادت الشركة أن تطرح نسختها الخاصة من خدمة “برايم” (الخاصة بأمازون)، والتي قد تجمع فيها كل تلك الخدمات معا. لكن يبدو أنها تستفيد من نهج اشتراك أمازون في إغلاق الدائرة أولا أكثر على مالكي آيفون في نظام إيكولوجي أوسع.
وبطرح بطاقة آبل، فإن الشركة تمضي خطوة إضافية لتحاول أن تحيط ليس فقط بما تستهلكه، ولكن أيضا بالوسائل المالية التي تستخدمها للقيام بذلك.
تقدم بطاقة آبل الائتمانية بعض المزايا مقارنة بالبطاقات التقليدية لكنها لم تعد اختراع العجلة (الفرنسية) |
لم تعِد آبل اختراع العجلة، فبطاقتها، كما ذكر موقع سي نت المعني بشؤون التقنية، لا تملك قدرات الشراء من دون التلامس مثل البطاقات الأحدث للبنوك المنافسة، لهذا ستحتاج إلى تمريرها أو إدخالها في قارئ لاستخدامها في كل مرة. لكن في المقابل تقدم آبل للمستخدمين بطاقة ائتمانية خالية من الرتوش ومتنكرة بذكاء لجعلك تتبنى وتستخدم خدمة آبل باي.
فعلى عكس خدمات الاشتراك التي تخطط لبيعها، فإن بطاقة آبل تأتي دون رسوم سنوية أو رسوم متأخرة، وبمعدل فائدة أقل من المتوسط المتداول في الصناعة، كما أنها تحتوي على برنامج مكافآت بسيط ومباشر يحفز المستهلكين على استخدام “آبل باي” لشراء منتجات آبل مقابل استرداد 3% من النقود، ويرجع ذلك، على الأرجح، إلى أن آبل لم تعد مضطرة لدفع رسوم نظير استخدام بطاقات طرف ثالث. وإذا كنت مضطرا لاستخدام البطاقة الفعلية التي تحمل علامة ماستر كارد فستسترد 1% من النقود.