في وقت يعيش فيه العالم زحمة إعصار التطور العلمي والتراكم المعرفي، وما يشهده من تحول غير مسبوق في مجال تدفق المعلومات وجودة التعليم، أصبحت الحاجة ماسة إلى تخريج أجيال على قدر كبير من المهارات العلمية والعملية، ولن يتحقق ذلك إلا بمعلمين أكفاء قادرين على صنع عقول مبدعة ومبتكرة بعيدا عن النمطية وطرق التدريس التقليدية. ويعد رفع كفاءة المعلم أحد أهم المؤشرات على جودة التعليم، وهو الأمر الذي تحرص عليه الدول المتقدمة، ساعية إلى مخرجات فاعلة في المجتمع، ومن أهم مشاريع رفع كفاءة المعلم والمطروحة في الساحة التربوية منذ ما يقرب من 9 سنوات مشروع «رخصة المعلم» الذي لم ير النور منذ 2010 حتى الآن. تربويون ومتخصصون أكدوا لـ القبس أن عملية تمهين المعلمين والمعلمات من خلال نظام رخصة المعلم باتت أمراً ضروريا وحاجة ملحة للنهوض بمستوى التعليم على جميع الأصعدة والمراحل التعليمية. وأجمعوا على ضرورة إقرار رخصة المعلم لفحص المتقدمين واختيار العناصر القادرة على أداء رسالتها على أكمل وجه، والابتعاد عن القبول العشوائي دون أي معايير مثلما يحدث مع خريجي كليتي التربية الاساسية والتربية. وفيما أشاروا إلى بعض المعوقات التشريعية التي تتعلق بالقوانين واللوائح المنظمة لهذه الرخصة وتحفظ مجتمع المعلمين على بعض فلسفة المشروع التي تتعلق بالأهداف، ذكروا أن رخصة الملعم ستساهم في توفير المعلم الكفء القادر على العطاء. وأوضحوا أن من أهداف الرخصة تحديد مستويات المعلمين والمعلمات لتسهيل عملية تقييمهم كلا حسب كفاءته، سواء كانت مكافآتهم أو ترقيتهم أو باتخاذ أساليب تدريبية للضعاف منهم، والاستغناء عن غير القادرين على الاستمرار بها، فلا مكان للمجاملة على حساب المتعلمين، فهي مهنة سامية تتعلق بمستقبل فلذات أكبادنا. بدوره، أكد مدير المركز الوطني لتطوير التعليم السابق د. رضا الخياط على أهمية إنجاز مشروع رخصة المعلم في أسرع وقت والذي تأخر كثيراً، مبيناً أنه سيساهم في رفع مستوى كفاءة وأداء المعلم وغرس ثقافة التعليم مدى الحياة لديه لكي يستطيع تقديم وتهيئة بيئة تعليمية ترفع من مستوى التعليم ومن ثم عجلة الاقتصاد.
وذكر الخياط لـ القبس أن هناك سببين رئيسيين في تأخر وجود «رخصة المعلم»، الأول يتمثل في أن مجتمع المعلمين غير مقتنع بأن يكون المشروع أداة رقابة على أداء المعلم وتقييمه ومحاسبته، في وقت اقتناعهم بأن يكون لتطوير الأداء فقط من خلال عمليات التدريب. تأخر المشروع وأضاف: السبب الثاني في تأخير المشروع متعلق بقانون المعلم الذي لا يشترط أن يحصل المعلم على رخصة قبل تعيينه في وظيفة معلم. وشدد الخياط على ضرورة ربط الرخصة بعملية تعيين المعلمين، لافتاً إلى أنه تمت مخاطبة ديوان الخدمة المدنية والجهات المختصة في وقت سابق لتعديل القوانين الخاصة بتعيين المعلمين وضوابط استمرارهم في المهنة، لتكون رخصة المعلم فاعلة وحقيقية. وأوضح الخياط أن المعلم يجب أن يحصل على هذه الرخصة من خلال ثلاثة شروط أو متطلبات أولها الملف الإنجازي، شهادته، وسنوات خبرته، وأداؤه بالصف وغيرها، بالإضافة إلى البرامج التدريبية التي يحضرها المعلم لتؤهله للحصول على هذه الرخصة، وأخيراً الاختبارات التي تكون مقننة، بمعنى أنها تقيس قدرات ومهارات المعلم، ومن ثم تعطى الرخصة وتجدد كل 4 سنوات لكل المعلمين.
وأكد الخياط أن إقرار «رخصة المعلم» أمر تأخر كثيراً ولا يحتاج الى كل هذا التعقيد، فالموضوع لا يحتاج أكثر من 10 أشهر لإنجازه إذا كان هناك تنسيق وتعاون حقيقي بين الجهات المعنية ممثلة في المركز الوطني لتطوير التعليم ووزارة التربية وإدارة الفتوى والتشريع وديوان الخدمة المدنية، كما أن هناك دولاً خليجية سبقتنا في إقراره. %50 نسبة إنجاز المشروع أكدت مصادر مطلعة أن وزارة التربية تسعى الى الانتهاء من مشروع رخصة المعلم في أسرع وقت، لا سيما أنه محل نقاش منذ عام 2010 ، لافتاً إلى أن نسبة إنجاز المشروع بلغت نحو 50 في المئة. وأشارت المصادر الى أن هناك جملة تحديات مالية وادارية وتشريعية تواجه الوزارة في اعتماد المشروع بشكله النهائي.
القبس