تفجرت مفاجأة جديدة من العيار الثقيل في ملف تزوير الشهادات، الذي تمدد إلى معادلات «التعليم العالي»، حيث أحيلت أول حالة تزوير لمعادلة «دكتوراه» مزيفة إلى النيابة، وهي تحمل اسم وشعار جامعة عربية عريقة وضمن المعترف بها بالكويت، وتخص معلمة كويتية تعمل في إحدى مدارس وزارة التربية، بعد إن قدمّتها للحصول على مكافأة المؤهل العلمي. وبدأت شبهات التزوير تحوم حول المعادلات في الجهات الحكومية، والشكوك تتصاعد في وجود «عصابة» تمارس هذا النشاط الإجرامي، أو أن العصابة القديمة المضبوطة العام الماضي في تزوير شهادات عليا من دولة عربية وتسجيلها على «النظام الآلي» للتعليم العالي لم تُقتلع كاملة، وقد يكون نشاطها امتد إلى المعادلات. حالة التزوير المضبوطة قبل أسابيع، التي تفتح الملف الشائك مجدداً، وصفتها مصادر مطلعة لـ القبس بالخطيرة لسببين، الأول أنها تحمل تأشيرة ختم وتوقيع مدير إدارة معادلات الشهادات العلمية السابق، الذي ترك منصبه قبل نحو 3 سنوات، ما يعني ترجيح صدور معادلات مزورة مماثلة خلال تلك الفترة، والثاني أن تاريخ إصدارها حديث وتحديدا 16 ديسمبر الماضي، وهو ما يؤكد أن هناك مزورين لا يزالون يمارسون نشاطهم رغم الاجراءات المشددة والعقوبات الرادعة التي أعلنتها وزارة التعليم العالي!.
إجراءات احترازية وبينما أشارت المصادر إلى محاولات نيابية لطمطمة الموضوع ومنع اتخاذ أي إجراء ضد المعلمة المزوِّرة، أكدت أن «التربية» و«التعليم العالي» اتخذتا الاجراءات القانونية فور اكتشاف حالة التزوير ورفضتا الخضوع لها، حيث خاطبت «التربية» نظيرتها «التعليم العالي» عبر كتاب رسمي للتأكد من صحة البيانات الواردة إليها واتخاذ ما يلزم، وهو الأمر الذي أعقبه إحالة للنيابة العامة.
وذكرت أن «التربية» شددت على الأقسام المعنية احترازياً عبر تعميم داخلي، بضرورة التدقيق على الشهادات الدراسية عند تسلم الأوراق الرسمية قبل تقديم الطلب، مع تسلم المعادلة الأصلية ومخاطبة إدارة معادلة الشهادات العلمية للتأكد من صحة البيانات المقدمة في الشهادة، على أن يتم ذلك عبر التراسل الالكتروني وعدم تسلم أي معاملة من المراجعين يدوياً.
وأبلغت المصادر بأن التربية ستراجع المعادلات التي استقبلتها خلال الفترة الماضية من التعليم العالي، لا سيما للحاصلين على شهادات من دون تفرغ دراسي، وذلك للتأكد من عدم ورود أي معادلات أخرى مزورة تحمل اسم المدير السابق للإدارة في هذه المدة. وأشارت إلى أن التربية تلقت خلال العام الماضي عشرات المعادلات لشهادات بكالوريوس وماجستير ودكتوراه، وعلى ضوء حالة التزوير المكتشفة أخيراً ستتم إعادة التدقيق والمراجعة لكل المعاملات.
الخطر الأكبر المصادر نفسها أكدت إجراءات تمت من قبل التعليم العالي للوصول الى خيوط الجريمة المرتكبة في حق التعليم، ضمنها فتح تحقيق داخلي لمعرفة مصدر الأختام وكيف وصلت الى المزوين؟ وما إذا كان مصدرها من داخل الوزارة أو خارجها، مشيرة إلى أن ملف القضية يحظى بمتابعة حثيثة من الفتوى والتشريع والشؤون القانونية في التعليم العالي. وكشفت المصادر عن مخاوف من أن تكون هناك عصابة جديدة شرعت في تزوير معادلات الشهادات المضروبة خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة أن الحالة المكتشفة تم تسليمها واستلامتها يدوياً، وهو الأمر الذي دفع التعليم العالي إلى التحري عن الأمر والتحقق في سرية تامة. واعتبرت المصادر أن الخطر الأكبر يكمن في تزوير معادلات التعليم العالي وليس الشهادات الجامعية، لأن الأخيرة تأتي من الخارج ويمكن اكتشافها بسهولة بعد الاجراءات المشددة المفروضة أخيراً.
أما «المعادلة»، فتصدر من الداخل. وإذا ما وصلت أي حالة مزورة إلى جهة العمل ولم تكتشف، فسيحصل بموجبها على أموال من دون وجه حق طوال حياته. وحول احتمالية وجود حالات أخرى مزورة باسم المدير السابق للمعادلات، قالت المصادر إنه «أمر وارد، ولذلك تجري وزارة التعليم العالي حالياً عمليات تدقيق ومراجعة من قبل فريق التزوير، وفي حال العثور على حالات أخرى فستحال على الفور إلى النيابة». وتوقعت المصادر إعادة التحقيق مرة أخرى من قبل جهات أمنية مع موظف وافد بالتعليم العالي أودع في السجن العام الماضي بعد إدانته بالتواطؤ في تزوير شهادات من خارج البلاد بمساعدة أحد أبناء بلده وإدخالها على النظام الآلي للوزارة لإصدار المعادلات مقابل مبالغ مالية، وذلك لاحتمالية وجود صلة بينه وبين المتورطين في التزوير الحديث الذي طفى على السطح مجدداً. محاسبة الضالعين في الجريمة تمنت المصادر أن تصل الجهات الأمنية بالتعاون مع النيابة العامة ووزارتي التعليم العالي والتربية إلى حل لغز كيفية تزوير المعادلة والوصول للمزورين، ومحاسبة جميع الضالعين في الجريمة، وسدّ ثغرات آلية اعتماد الشهادات العليا، وإيجاد طريقة موحدة لاستقبال المعادلات. «الصدفة».. قادت لاكتشاف التزوير روّت المصادر كيفية اكتشاف حالة التزوير، موضحة أن الصدفة كانت اللاعب الأول في الموضوع، حيث وقعت المعادلة في يدي موظفة بوزارة التربية لديها صديقة تعمل في إدارة معادلة الشهادات العلمية بالتعليم العالي، وأخبرتها الأخيرة بأن المسؤول عن الإدارة مديرة وليس رجلاً كما مثبت في ختم معادلة الدكتوراه، ومن هنا بدأت القصة. علامات استفهام السؤال الذي يطرح نفسه ويتطلب تضافر الجهود، «من يحمل ختم مدير المعادلات السابق، وزوّر به معادلة شهادة دكتوراه المعلمة؟ وكيف حصل عليها؟ هل يعمل بمفرده أم هناك عصابة تمارس النشاط الإجرامي في حق التعليم الكويتي؟ وهل توجد حالات تزوير أخرى؟».
المخيزيم والمعاملات أكدت المصادر أن وكيل التعليم العالي د. صبيح المخيزيم حريص على عدم تمرير أي معاملة غير قانونية في التعليم العالي، قائلة «المخيزيم وبكل صراحة الواسطات ما يمشيها، وتأشيرته في الأغلب (لا مانع بحسب اللوائح والأنظمة)»، وهو ما خلق نوعاً من التضييق والضغط لدى الباحثين عن الوصول السهل إلى أهدافهم ومبتغاهم.