سعد هيف الحجرف:كيف غيرت «كورونا» مفهوم التعليم عن بعد؟

جريدة تعليم

خلال الأشهر الأخيرة، شهدت الكويت طفرة في التعليم الإلكتروني أو التعليم عن بعد كما يروق للبعض أن يسميه. في ظل تداعيات جائحة كورونا، قامت وزارة التربية والتعليم العالي بالانتقال إلى التعليم عن بعد كبديل عن التعليم الحضوري في هذه المرحلة الحرجة، مستفيدة في ذلك من البنية التحتية الرقمية التي تتميز بها الكويت ومن منصات التعلم عن بعد المعتمدة في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي طالت عملية التعليم الإلكتروني، فقد غيرت هذه التجربة مفهوم التعليم عن بعد ونظرة الناس إليه بين عشية وضحاها. إن ما ساعد على حدوث طفرة في التعليم الإلكتروني في الكويت هو وجود بنية تحتية رقمية من شبكة الجيل الرابع والخامس للانترنت في كامل البلاد وانتشار استعمال الأجهزة الذكية لدى الفئات المستهدفة وسهولة الوصول إلى الإنترنت مما أتاح فرص التعليم عن بعد. وقد ساهمت هذه العوامل في تغيير المشهد التعليمي في البلاد وفي تغيير نظرة المجتمع والطلاب للتعليم عن بعد وذلك بتفنيد بعض المفاهيم الخاطئة.

المفهوم الأول.. التعليم الإلكتروني باهظ التكلفة: ساهمت التطورات التكنولوجية في عهد الثورة الرقمية في تطوير التعليم الالكتروني. ومع الوقت تغيرت أساليب هذا النمط من التعليم بشكل كبير، ولكن مع هذا التغييرات نشأت بعض المفاهيم الخاطئة لعل من أهمها أن التعليم الإلكتروني عالي التكلفة. فجاءت جائحة كورونا لتبين لصانعي القرار وممارسي مهنة التعليم أن هذا النمط التعليمي أقل تكلفة من التعليم التقليدي. فالبنية الرقمية اللازمة للتعليم موجودة منذ عقود في الجامعات والمؤسسات التعليمية، غير أنها لم يتم استغلالها على الوجه الصحيح. كما أن التعليم الإلكتروني يوفر للدولة تكاليف المباني وانتداب القوى العاملة التي يحتاجها التعليم التقليدي، هذا بالإضافة إلى دوره في توفير استهلاك الطاقة والحد من نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون.

المفهوم الثاني.. التعليم الإلكتروني يفتقد إلى المصداقية: تعتبر مسألة المصداقية من أهم الانتقادات التي طالت التعليم الإلكتروني، إذ يرى الكثير من المختصين وعامة الناس أن هذه الطريقة من التعليم تفتح مجالا كبيرا للغش. وقد واجه المعلمون في بداية الانتقال إلى التعليم الإلكتروني تحديا كبيرا يتمثل في صعوبة التحقق من مصداقية الطلاب. والحال أن أغلب الجامعات في الكويت تستعمل برامج متطورة للتحقق من مصداقية المتقدمين للاختبار من خلال مراقبتهم عبر كاميرا الكمبيوتر ومنع الخروج من المتصفح أثناء إجراء الاختبار. وتجدر الإشارة إلى أن الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي يعملون حاليا على تطوير تطبيقات تسمح بمطابقة ضغطات المفاتيح للشخص الذي يجري الاختبار مع الضغطات التي تم تسجيلها مسبقا للطالب المعني بالاختبار. وفي انتظار صدور هذه التطبيقات، فإن التقنيات المتاحة حاليا كافية لتحقيق القدر الأدنى من المصداقية للتعليم الإلكتروني.

المفهوم الثالث.. التعليم الإلكتروني غير فعال: يعتقد البعض أن التعليم التقليدي أكثر فاعلية من التعليم الإلكتروني، إلا أن نجاح تجربة التعليم الإلكتروني في الكويت أثبت أن هذا النوع من التعليم لا يقل فاعلية عن التعليم التقليدي، بل وقد يكون أكثر فاعلية. ولو تمعنا قليلا مع قرب انتهاء الفصل الدراسي الحالي لوجدنا هناك تفاعلا كبير بين المعلمين والطلاب من حيث تحميل وشرح الدروس، ووجود تكاليف وواجبات منزلية واختبارات وتنويع طرق التعليم وهو ما ساهم في تحسين المخرجات بشكل ملحوظ.

ختاما: لا أدعي أن التعليم الإلكتروني يمكن أن يكون بديلا عن التعليم التقليدي بصفة مطلقة، ولكني أرى أنه خيار المرحلة الحالية للمحافظة على الأرواح. ويجب أن يتحد الجميع لإنجاح هذه التجربة الرائدة والمساهمة في تخفيف وطأة جائحة كورونا على وطننا الحبيب.

سعد هيف الحجرف ـ جامعة البحرين

قسم الإعلام والسياحة والفنون

Comments (0)
Add Comment