الكندري يطالب بتشريع قانون «مرور» يناسب عدد السيارات ويتدرج في العقوبة
في ندوة كلية الحقوق اعتبار الملكية الخاصة مصونة بالدستور
الانباء
ضمن فعاليات الموسم الثقافي بكلية الحقوق أقامت الكلية حلقة نقاشية مفتوحة تحت عنوان «العقوبات الجنائية ذات الطابع الاداري» (القرارات الصادرة من وزير الداخلية في الاونة الاخيرة بشأن سحب السيارات المخالفة) وحاضر فيها نخبة من الاساتذة والمستشارين والمحامين بحضور القائم باعمال عميد كلية الحقوق بجامعة الكويت د.فايز الظفيري.
ومن جهته، اكد رئيس لجنة الموسم الثقافي للعام الجامعي 2017-2018 والاستاذ بقسم القانون الخاص بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.مساعد العنزي انه بعد صدور القرارات الاخيرة المتعلقة بالمرور اثيرت العديد من التساؤلات: هل تعتبر عقوبات مزدوجة؟ وهل تلك القرارات تحتوي عقوبات اضافية؟ لا توجد في قانون الجزاء. وهل تلك الاجراءات التي تقوم بها وزارة الداخلية سليمة ومتوافقة مع القانون ام لا؟
ولفت العنزي إلى انه قد تمت مخاطبة وزارة الداخلية للمشاركة في الندوة الا انهم تحفظوا وابدوا عدم رغبتهم في المشاركة.
واوضح انه في الدول المتقدمة دائما تتم تهيئة المجتمع قبل اصدار اي قرارات او قوانين ولكن هذا لا يحدث في الكويت، حيث تصدر القرارات والتشريعات بشكل مفاجئ.
وبدوره اشار النائب د.عبدالكريم الكندري الى حالة الفوضى التي صاحبت اصدار القرار وايقافه وعودته ثم ايقافه مرة اخرى.
واشار الكندري الى تخبط الادارة في اتخاذ القرارات بالدولة ليس فقط في المرور انما في كافة مجالات الدولة، موضحا ان الحكومة اصدرت قرارا بدون دراسة ثم اوقفته ثم اعادته ثم تراجعت، موضحا ان اغلب القرارات هي ردود افعال ولدينا كارثة كبرى اخرى تتعلق بهيبة القانون.
وأوضح الكندري انه عندما تم تطبيق القرار وجدنا حالة انضباط في الشارع خوفا من العقوبة، ولكن حالة عدم الثقة من القرارات الحكومية ساهمت بشكل كبير بان هناك سخطا شعبيا حصل من تطبيق القرار بشكل مفاجئ ومن ثم توقفه ثم عودته بما اضعف هيبة القانون في الدولة واعطى صورة بانه من خلال الاحتجاج والاعتراض ستتراجع الدولة عن القانون او القرار بما احرج الحكومة ووزارة الداخلية.
وشدد الكندري على أنه لو كان القانون او القرار مبنيا على ارضية صلبة ودراسة واضحة وباحترام القواعد القانونية الاخرى لما وصلنا الى النتيجة التي وصلنا اليها اليوم.
وتحدث الكندري عن مسألة الاثارة حول قسوة العقوبة وعدم تناسبها مع الجرم او الفعل نفسه، لافتا الى ان قانون المرور رقم 76 قديم لا يتماشى مع عدد مرتادي الطرق ونوع الطرق الموجودة وتغير طبيعة مستخدمي الطرق واليوم مع وجود حالات الاشغال الموجودة داخل السيارة ومنها الهاتف كان لابد ان يكون هناك تعديل على القانون، لافتا الى ان هناك ناسا رأت ان وزارة الداخلية تجاوزت التفويض التشريعي عن طريق اصدار 3 قرارات.
وأوضح الكندري ان طريقة ربط العقوبة بعدم استخدام حزام الامان او استخدام الهاتف المحمول بحجز المركبة امر غير مقبول في دولة كالكويت، لاسيما انه لا توجد وسائل مواصلات بديلة اخرى.
وقال الكندري ان دور وزارة الداخلية غائب في كل ما يتعلق بقانون المرور رقم 76، أما ان تأخذ الحكومة ابرة شجاعة وتضع لجاناً لتطبق القرار فهو امر مثير للضحك وجعل الجميع يحتجون عليه وتحول الموضوع لدى وزارة الداخلية لنوع من انواع «الشو الاعلامي».
واكد الكندري ان دور وزارة الداخلية تطبيق قانون المرور بأكمله سواء على المواطنين او المقيمين وليس في قاعدتي حزام الامان واستخدام الهاتف فقط موضحا ان حجز السيارة يسبب مشاكل اخرى فقد خلقت حالة فوضى في اماكن الحجز ووضع حالات انسانية استثنائية اغضب الكثيرين واسقط القرار من الناحية القانونية.
لافتا الى ان القرار يعتبر نوعا من الاستعراض من قبل وزارة الداخلية ولما ادركت الخطأ تراجعت ولكن لانهم «استحوا» من رد القرار اعادوه مرة اخرى بما وضع وزارة الداخلية في موقع محرج.
وكشف الكندري ان وزارة الداخلية حاليا بالتعاون مع مجلس الامة والحكومة في طور اعداد قانون مرور جديد يتناسب مع التطورات الحديثة.
مؤكدا ضرورة ان تنتقل وزارة الداخلية الى نظام المخالفة المباشرة ولا يمكن رفعها من خلال «الواسطات» مشددا بان لدينا اشكالية في طريقة تعامل وزارة الداخلية مع قانون المرور بما أنشأ حالة الانفلات الحالي.
وذكر الكندري ان المطلوب من مجلس الامة تشريع قانون مرور جديد عصري يتماشى مع التعديلات التي حدثت وعدد السيارات الكبيرة ويستخدم التدرج في العقوبة، حيث ان العقوبات المالية اليوم في قانون المرور اصبحت غير رادعة بسبب الوفرة المالية في المجتمع الكويتي، موضحا ان العلم القانوني تطور ولابد من ابتكار العقوبات بما يتماشى مع التطور كما لابد من تطبيق المراقبة الالكترونية المتبادلة بالنسبة لأفراد الشرطة والمواطنين فاليوم لا يمكن ابدا اثبات تعسف او تراخي افراد الشرطة.
وشدد الكندري على ضرورة الاستعانة بأصحاب التخصصات ولتقديم الاقتراحات لمجلس الامة لافتا الى ان الجودة التشريعية في الكويت بدأت تنخفض والقانون الذي يصدر من مجلس الامة صياغة وترابطا لم يكن موجودا مثل ما كان موجودا في السابق فمعظم القوانين الحالية اصبح تشوبها عيوب واضحة وفاضحة على عكس قوانين صدرت في الستينيات ولا زالت قائمة فلدينا اليوم ازمة تشريعية تتعلق بالصياغة.
ومن ادارة الفتوى والتشريع، تحدث المستشار د.علي أظبيه عن السحب الاداري وهو تطبيق لبعض المواد الموجودة في قانون المرور نقصد به الترخيص الممنوح للحكومة، وان قانون المرور رقم 76 هو قانون موجز ولغته بها اشكالية، فهو تكلم عن العقوبات والجرائم والمخالفات ومعها التدابير، وبعد ان وضع المخالفات والعقوبات دخل بشكل مفاجئ في قضية حجز المركبات والتنفيذ على الاملاك الخاصة، لافتا الى أن هناك اشكالية في المادة 43 التي تكلمت مباشرا ودون تجهيز او تحضير على حجز المركبات والتنفيذ على الاملاك الخاصة.
وتساءل أظبيه: أين المعيار الذي يوضح ما المخالفات التي على أساسها يكون حجز المركبات وبالتالي فان خلو المادة من عدم وجود اي مؤشر لتطبيق حجز المركبات يدخلنا في شبهة ومخالفة دستورية على اعتبار ان الملكية الخاصة مصونة بالدستور وصيانة الملكية الخاصة عليها «بلوك» لا يفتح الا من خلال معيار محدد والمادة 43 خالية من اي معيار موضوعي يوجه وزير الداخلية لاتخاذ اجراء حجز المركبات، موضحا ان تلك المادة عليها شبهة دستورية.
من ناحيته، اكد استاذ القانون الدستوري بأكاديمية «سعد العبدالله» للعلوم الامنية د.عبدالمجيد العنزي أن الأسباب الداعية لاتخاذ مثل هذا القرار هو حجم الحوادث المرورية في طرقات وشوارع الكويت، في عام 2016 شهد 70 الف حادث مروري نتج عنها 10 آلاف اصابة و450 حالة وفاة والسبب الرئيسي لتلك الحوادث كان عدم الانتباه والمربوط بشكل مباشر باستخدام الهاتف الجوال.
واضاف ان الوزارة ارتأت اتخاذ تلك القرارات للحد من تلك الممارسات غير الجيدة من مرتادي الطرق وتقدمت بأكثر من مشروع قانون لتغليظ العقوبات ولاسيما ان هناك لائحة داخلية وقانون المرور يسمح بإصدار تلك القرارات لما فيه الصالح العام.
وتابع قائلا: قانون المرور في المادة 43 منه نص على ان يضع وزير الداخلية شروطا وقواعد لحجز المركبات وعلى اختلاف انواعها، وخولت الوزير للتعاقد مع شركات خاصة لاجراء عمليات السحب وحجز المركبات، حيث ان عقوبة حجز المركبات غير موجودة في القانون.
وبين ان هناك حالتين رئيسيتين تتضمنان مجموعة من المخالفات، الاولى تستدعي ضرورة حجز المركبات وهي عدم وجود لوحة وايضا ليس من الطبيعي ان تجوب مركبة الطرقات وهي تتناثر منها مواد تسبب تلفيات بالطريق او قابلة للاشتعال، وكذلك من المستحيل ان يتم السماح بتجول مركبة إثر حادث مروري يعيق توازنها.
واشار العنزي الى ان مخالفات الحجز يكون كاجراء تحفظي احترازي عندما يتم ضبط قائد المركبة وهو لا يحمل رخصة قيادة فلا يمكن ان نمكنه من قيادة المركبة وهو تحت تأثير مخدر وبالتالي يتم حجز المركبة.
واضاف ان هناك مخالفات منها السرعة والسير عكس السير وتجاوز الاشارة الحمراء يتم سحب المركبات فيها كتدبير عقابي، وان اللائحة التنفيذية تضمنت في عام 2017 حوالي 29 حالة لحجز المركبات.
واوضح العنزي ان القرارات التي تصدر لتنظيم المرور هي لائحة ضبط وبالتالي تكون تحت سلطة وزير الداخلية، موضحا ان ما قامت به وزارة الداخلية هو استخدام ذكي للنصوص.
وافاد العنزي بانه لم يتقدم اي شخص بالطعن أمام المحكمة الدستورية او المحكمة الادارية للطعن على المادة 43 من قانون المرور، وبالتالي فهناك قبول شعبي نظرا لان المواطن دائما في ظل الازدحام المروري يدفع الوزارة لاتخاذ قرارات لتخفيف الازدحام وتقليل عدد مستخدمي الطريق.
واشار العنزي الى أن المادة 38 من قانون الجزاء تخلي طرف رجال الداخلية ولا توجد مسؤولية على الموظف اذا مارس سلطة قررها له القانون، مشيرا الى ان الصياغة معيبة في قانون الجزاء، حيث ترك الباب مفتوحا على مصراعيه.
وانتقل الحديث الى المحامي جمال الفضلي، الذي اوضح ان من الناحية الدستورية فالمركبة تعتبر ملكية خاصة ولا يمكن حجزها، ووفقا للقانون لا عقوبة الا بنص، وفي حدود القانون وهو لم يرخص للائحة استحداث عقوبات.
وقال ان التدبير هي لمواجهة حالة طارئة ويزول بزوال الحالة، فعلى على سبيل المثال شخص عرقل السير يتاح للوزارة ان تزيل السيارة ويدفع الشخص غرامة ولكن حجزها شهرين غير موجود بالقانون.
واشار الفضلي الى ان الملكية الخاصة مصونة وفقا للدستور، وهذا من الأمور التي لم يراعها القرار، بالاضافة الى مثالب اخرى في القرار، فإن القوانين دائما تحال الى لوائح، موضحا ان تلك القرارات لم تدرس من الناحية الدستورية والقانونية بالشكل السليم.