«اليونيسكو»: الكويت فقدت ريادتها العلمية.. في المنطقة

القبس

بينما تحتدم المنافسة بين الدول لتطوير التعليم، رغبة في اللحاق بقطار التقّدم، تشتد أهمية البحث العلمي في المجتمعات، كونه أساساً للازدهار في كل المجالات، إلا أن الاكتفاء بانتاج الأبحاث والتفاخر بكميتها، لن يجدي نفعاً ما لم تتوافر فيها الجودة وامكانية التطبيق الفعّال، والاستعداد لتفعيلها، في ظل تقرير حديث صادر عن اليونيسكو، وصف الكويت بأنها «كانت الدولة الرائدة في التكنولوجيا والعلوم والتعليم العالي بالمنطقة في الثمانينات، ثم بدأت في فقدان ريادتها»!
ويعتبر متخصصون أن تضخيم الأهمية العددية للابحاث وطغيانها على القيمة البحثية في بعض الأحيان، تترتب عليه مظاهر سلبية، كالنشر في المجلات غير المعتمدة أو الزائفة المنتشرة على الانترنت، بغية زيادة أعداد الأبحاث والاستفادة منها في الترقيات أو التباهي بين الزملاء، كما أدى الاهتمام بالكم لا بالكيف في بعض الأحيان إلى التمسك بالمناهج البحثية السهلة، وانتاج أبحاث لا تضيف جديداً.
وكشف تقرير «اليونيسكو للعلوم.. حتى 2030»، الذي لخص تطور العلوم خلال الاعوام 2010 ـــ 2030، أن عدد الأبحاث المنشورة في المجالات المختلفة بلغ نحو 3000 بحث في الكويت، وهو عدد ليس بقليل إذا قورن بالدول المجاورة، فيما وصل عدد الأبحاث المنشورة في الدوريات غير المصنفة إلى 1034 من 2008 حتى 2014.

عدد الاقتباسات
ويعتبر عدد الاقتباسات والاستشهادات المرجعية citations بالبحث العلمي من أهم أساليب تقييمه، ومؤشراً على جودته واستفادة الباحثين الآخرين منه، حيث يستعين الباحثون بالمعلومات الواردة في أبحاث زملائهم، ولذلك أنشئت قواعد بيانات عالمية لمعرفة نسبة الاقتباسات، فيما يعتقد باحثون أن ذلك المعيار لا يكون دقيقاً دائماً في تحديد أهمية البحث وتفوق الباحث.
ورغم تقارب عدد الأبحاث المنتجة في الكويت مع قطر، وتفوق الكويت على عمان والبحرين في بعض التخصصات، فقد حلّت الأبحاث الكويتية في المرتبة قبل الأخيرة في متوسط معدل الاستشهاد خلال الأعوام 2008 ــ 2012، حيث جاءت بمتوسط 0.68، مقابل 1.01 لقطر، و0.96 للسعودية، والامارات 0.79، وعمان بـ0.73، وأخيراً البحرين بـ0.50.
ويرى معنيون أن سبب انخفاض الاقتباسات المأخوذة عن الابحاث الكويتية، لنشرها في مجلات علمية غير ناضجة، أو لضعفها وعدم تلبيتها متطلبات الباحثين الآخرين، مما يجعلها في دائرة الشك بقدرتها على اصابة هدفها للارتقاء بالدولة، لاسيما أن أغلب الأبحاث علمية، في الطب والهندسة والكيمياء، التي يفترض أن تكون منشورة في المجلات المرموقة، ويطلع عليها الباحثون في جميع أنحاء العالم.
بينما يشير التقرير إلى أن معظم الاقتباسات المأخوذة عن الدول العربية تأتي من الأبحاث القطرية والسعودية، وأن الأبحاث في قطر والسعودية «شهدت تطوراً سريعاً ليس في الأعداد فحسب، بل في الجودة أيضاً».

عدد الباحثين
ولفت التقرير إلى أن عدد باحثي قطر يزيد على باحثي الكويت بنحو 4 أضعاف، حيث بلغ عدد باحثي قطر 587 في كل مليون نسمة عام 2013، في مقابل 135 باحثاً فقط للكويت، كما أنه بناء على قائمة الباحثين الاكثر ذكراً في الاستشهادات لـThomson Reuters، غاب باحثو الكويت في الأعوام الأربعة الماضية، في حين جاءت أسماء لباحثين ينتمون لجامعات في السعودية وقطر.
وبينما يساهم التعاون مع بعض باحثي الدول المتطورة في انجاز البحوث ذات الجودة، لم تكن الحال كذلك بالنسبة لعدد من الدول العربية، من بينها الكويت، التي تتعامل ــ وفقاً للتقرير ــ مع باحثي الولايات المتحدة في المقام الأول، يليهم باحثو مصر، ثم المملكة المتحدة، وكندا والسعودية على التوالي، أما قطر فتتعامل مع باحثي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ثم الصين وفرنسا وألمانيا خلال 2008 ـــ 2014.
وبناء على ذلك، يرى البعض أن توجهات البحث العلمي في البلاد يجب أن تضع الجودة والقيمة في المقام الأول، بحيث يستفيد منها المجتمع وتسهم في رفع سمعة البلاد البحثية والعلمية بالمحافل الدولية، وإن كان مهماً أيضاً النظر إلى عدد الأبحاث والباحثين، والاسراع في تطبيق خطط التطوير لتحسين وضع العلوم في الكويت حتى 2030.

فقدان الريادة
واختتم التقرير بوصف وضع العلوم بالكويت والمؤسسات البحثية والجهود والخطط الهادفة للتحسين، وذكر أنه «كانت الكويت الدولة الرائدة في التكنولوجيا والعلوم والتعليم العالي بالمنطقة في الثمانينات، ثم بدأت في فقدان ريادتها»، كما تكشف تقارير التنافسية عن تدهور واضح في كثير من المؤشرات لديها، كما تسبب الغزو العراقي في ضياع بعض فرص التنمية.

قد يعجبك ايضا