ناشطون وباحثون تربويون فتحوا ملف «تعليم ذوي الإعاقة»

مي السكري –

تعليم ذوي الإعاقة ودمجهم تربويا ومجتمعيا، فضلا عن التدخّل المبكر لاكتشاف إعاقاتهم، تعد أهم خطوة لكي ينشأوا في بيئة صحية مهيأة لظروفهم، من دون أن يشعروا بأي نوع من التمييز والعزلة، بل أن يصبحوا قادرين على تفجير طاقاتهم ليكونوا أشخاصا فاعلين ومنتجين في المجتمع.
ناشطون وباحثون تربويون أكدوا أن قضية التعليم تمثل ساحة لإثبات الوجود وإظهار القدرات والإمكانيات التي يمتلكها ذوو الإعاقة، فضلا عن أنها متنفّس للتعبير عمّا يتمنونه من الحصول على تعليم مناسب يوافق إمكانياتهم وقدراتهم؛ فكثير منهم يسعون بجدية وطموح لاستكمال الدراسات العليا أيضا وعدم الاكتفاء بالتأهيل أو التعليم لحد معيّن.
وشدّد المتحدثون ــــ خلال ندوة الدمج التعليمي والتدخل المبكر، التي نظمتها الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين ضمن فعاليات اليوم الوطني للتضامن مع ذوي الاعاقة، تحت شعار «نحو تعليم متميز» ــــ على أن التعليم حق مشروع لهذه الفئة، وفق القانون الكويتي والاتفاقيات الدولية، التي تنادي جميعها الى تكافؤ الفرص وعدم التمييز والحق والحريّة لذوي الاعاقة بالتعليم وتسهيل الخدمات لهم.

حق مكتسب
في البداية، قال الباحث في مجال التربية الخاصة د.علي الأنصاري إن الدمج التعليمي للأطفال في التربية الخاصة أصبح حقّا مكتسبا من قبل القانون الكويتي لذوي الإعاقة والاتفاقات الدولية، فقد أصبح الوعي بالحقوق منتشرا بشكل واضح في أوساط الطلبة من ذوي الإعاقة.
وبيّن أن كثيراً من طلبة ذوي الإعاقة يفتقرون إلى الاندماج مع المجتمع، وأن يكون لديه بيئة تعليمية مناسبة ومرافق صحية قريبة من السكن والمنطقة التي يعيش فيها الطالب أو الطالبة، مضيفا «لكن مع الأسف، شوهد كثير من المباني غير مهيئة لخدمة الطلبة من ذوي الإعاقة والافتقار الى المناهج للفئات المختلفة وقلة المتخصصين في المجال، ولهذا بدأت الصعوبات تتوالى، إلى أن أصبح الدمج شبه مستحيل».
وأضاف ان الجهود كانت فردية لكل جهة على حدة، ولم يتم الربط بين هذه الجهات للوصول إلى نتائج جيدة إلى حد ما، ومع هذا كله يتم هذا الدمج المفاجئ في مرحلة الثانوية أو في الجامعة، وهذا يؤثر سلبا في دافعية الطلبة ونفسيتهم، كما تتفاقم خطورة العقبات التي تواجههم.
وأكد ضرورة النظر إلى أسلوب التعلم لكل طالب والتعاون بين الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فضلا عن تأهيل المعلمين وتوفير جلسات لتعديل السلوك، مشددا على ضرورة تطبيق نموذج الاستجابة للتدخل السريع والمبكر وعدم الانتظار إلى تحقيق ظاهرة الفشل، وذلك بسبب طول الوقت في التشخيص وإعطاء الطالب موعدا متأخّرا ليتم تشخيصه وتصنيفه.

التدخُّل المبكر
من جانبها، شدّدت الاستشارية النفسية والسلوكية د.بثينة المقهوي على أهمية التدخل والكشف المبكر لأي إعاقة منذ الولادة حتى سن المدرسة، وذلك لمساعدة الطفل على التعلم وتحسين مهاراته الاجتماعية والنمائية واللغوية والسلوكية، فضلا عن التقليل من تأثيرات الإعاقة وتكاليفها.
وتحدثت عن مبررات التدخل المبكر، مبينة أن التعليم في سن ما قبل المدرسة يعتبر أسهل وأسرع من التعليم في أي مرحلة عمرية، كما أنه يسهم في مساعدة وتوعية الأهل في المراحل الأولى وتجنيبهم صعوبات نفسية لاحقة.
من ناحيته، قال استشاري التربية الخاصة د.أحمد الجوهري ان برنامج «البورتيدج» للتدخل المبكر، معتمد في البلاد، وتعمل به أغلب الحضانات ومؤسسات التربية الخاصة، لأنه متعدد المجالات في مختلف النواحي.
ونصح الجوهري قبل أن يطبق البرنامج على الأطفال، بخضوع الكوادر التدريسية والامهات إلى دورات تدريبية لمعرفة طرق تطبيق البرنامج في المنزل أو المؤسسات، ما يسهل تطور ابنائهم بالشكل الصحيح.
وتحدث عن الصعوبات التي تواجه التدخل المبكر، منها الطبيعة المعقّدة والمتباينة لنمو الأطفال، عدم توافر أدوات التقييم المناسبة وبيانات دقيقة عن نسبة الانتشار، وقلة الكفاءات المؤهلة للتعامل مع الأطفال في عمر التدخّل المبكر.

مسح لرياض الأطفال
بدورها، اعتبرت رئيسة الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين سعاد الفارس أن الدمج التعليمي حاجة ملحة لذوي الإعاقة في وقتنا الحالي، لافتة إلى وجوب أن يبدأ من مرحلة رياض الأطفال، حيث يبدأ الوعي المجتمعي بتفهّم احتياجاتهم ومستلزمات الدمج، من حيث المباني المدرسية والكوادر البشرية المكونة من هيئة تدريس واختصاصيين اجتماعيين ونفسيين وعلاج نطق وعلاج طبيعي، فضلا عن مناهج تعليمية تتناسب مع كل نوع من أنواع الإعاقة.
وشدّدت على ضرورة إجراء مسح كامل لجميع الرياض لتحديد وتصنيف حالات ذوي الإعاقة ونوعها، سواء كانت إعاقات ظاهرة أو خفية، لكونها تؤثر سلبا في استفادة الطفل من البرنامج المقدم له او تأخّره عن أقرانه.
وأضافت ان هذه الخطط تحتاج وقتاً، ويمكن البدء في تطبيق برنامج الدمج في مدرسة بكل منطقة، ومن ثم التدرّج في تعميمها، إلى جانب التقييم المستمر للتعديل والتطوير، ويمكن للتغيير في حال فشل هذا البرنامج وعدم مناسبته لاي فرد من ذوي الإعاقة.

تهيئة العقول

رأى الناشط في مجال الإعاقة علي الثويني أن الدمج لم ينجح لعدم حدوث تغيير في القرارات والقوانين واللوائح، مشددا على ضرورة تهيئة البيئة والعقول البشرية لتحقيق الدمج الناجح.

تقنين اختبارات الذكاء

لفت المدير المساعد في مدرسة تأهيل التربية الفكرية وليد العبيد إلى أن سوء تشخيص الإعاقات يعد من أبرز الصعوبات التي تواجه الدمج التعليمي، وينعكس سلبا على النواحي النفسية والتربوية والاجتماعية للطالب، مشيرا الى أن الذكاء لا يتغيّر، لكن يمكن تحسين المستوى التحصيلي للطالب، من خلال وضع البرامج والمناهج المناسبة، وذلك بعد التشخيص السليم لمستواه العقلي وتصنيف حالته ما إذا كانت بطئاً أو صعوبة تعلّم، عن طريق تقنين اختبارات الذكاء وإجرائها على يد كوادر متخصصة.

تحديات

استعرض الباحث التربوي في مجال الإعاقة د.علي الأنصاري دراسة خاصة بالتحديات التي تواجه الإدارات المدرسية عند تطبيق الدمج التعليمي للأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلم، أبرزها:
* قضايا الآباء ومدى تعاون أولياء الأمور مع المدرسة والعكس.
* العقبات الأكاديمية الخاصة بالمنهج والكتب والاختبارات وغيرها.
* قلة المعلمين المتخصصين في المجال وضعف التواصل.
* تهيئة المباني ونقص الميزانية المالية.
* التوقّعات المنخفضة تجاه الطلبة.
* ازدحام الطلبة في الفصل ومسألة إدارة الوقت من قبل المعلم.
* القوانين غير واضحة، وضبابية نظام الثواب والعقاب.

%66 استجابوا للتدخّل المبكر

ذكر الأنصاري أن نموذج التدخّل المبكر أثبت فاعليته بعد استجابة نحو %66 من الطلبة الذين يعانون من صعوبات التعلم، ناصحا بتطبيقه على الطلبة المصابين بالتوحّد، وعلى السلوكيات المضطربة والمنحرفة.

مي القبندي
أكدت مديرة ادارة الخدمات التعليمية في هيئة شؤون ذوي الإعاقة د.منى القبندي حرص الهيئة على توفير جميع الخدمات التعليمية والتأهيلية لذوي الإعاقة.
وأشارت القبندي لـ القبس إلى الخطوات التي اتخذتها الهيئة لتحقيق الدمج التعليمي في جميع المراحل التعليمية، أهمها تفعيل ورش عمل الدمج التعليمي بين الهيئة العامة لذوي الاعاقة ووزارة التربية والتعليم، مضيفة «آملين مستقبلا في تفعيل الدمج التعليمي مع وزارة التربية والتعليم».
ولفتت إلى بدء الهيئة دمج الاعاقات التطورية البسيطة والحركية والجسدية والبصرية من غير المكفوفين والإعاقات السمعية من غير فئة الصم، باعتبار أن التعليم حق لكل شخص إلى جانب دمج الاعاقات النفسية والسلوكية أسوة بأقرانهم.

غرِّد ويانا

لجنة خاصة في «التطبيقي»

ذكرت مغردة في تدوينة مصغرة لها على «تويتر»، أن تفعيل لجنة الاحتياجات الخاصة في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، أصبح ضرورة ملحة لاحتواء ابنائنا من ذوي الاعاقة وزارعي القوقعة.

ليس ترفاً!

رأى أحد المغردين أنه «ليس ترفاً أن توفر الجامعات أحدث الآلات لذوي الإعاقة البصرية»، ودعا الى «أن يكون هناك مركز لهم لخدمتهم وتوفير احتياجاتهم». وقال: «ليس ترفاً تخصيص غرف للآلات والكتابة عليها بعيدا عن الضجيج، وليس ترفا أن نصل بهم للحد الأعلى من الاستقلالية في التنقل والتعلم».

زيادة مخصصات

طالب عدد من المغردين النواب بإعادة النظر في زيادة مخصصات المعاق وذويه، وتفعيل قانون المعاق «البدون» من أم كويتية.

قد يعجبك ايضا