ثورة تعليمية هائلة في انتظار أطفالك.. كيف سيبدو شكل المدارس في المستقبل؟
تبدو المدارس والفصول الدراسية بشكل عام على نفس الشكل الذي كانت عليه على مدى السنوات الستين الماضية. قد تكون الفصول الدراسية شهدت استخدامًا متزايدًا للتكنولوجيا في الآونة الأخيرة، لكن يبقى النمط التقليدي من صفوف متراصة لمقاعد الطلاب، يقف أمامها المعلم في المقدمة، سائدًا في أغلب الفصول الدراسية في مدارس العالم.
كذلك فإن مسار العملية التعليمية في أغلب بلدان العالم يكون محددًا بجداول زمنية صارمة، ودروس إلزامية، وأداء الواجبات المنزلية الكثيفة، فضلًا عن خوض الاختبارات الدورية التي اعتمادًا على مدى جودة أداء الطالب فيها يؤدي ذلك إلى فتح أو غلق أبواب المستقبل أمامه.
فكيف يمكن أن نسعى من أجل تحسين بيئة التعلم لأطفالنا؟ وما الشكل الذي يتوقعه الخبراء لما ستكون عليه المدارس والنظام التعليمي في المستقبل؟ وهل يوجد حاليًا مدارس تُطبق مناهج وطرق تعليم ثورية بالفعل؟
لا واجبات منزلية.. ومعارض تعرض إبداعات الطفل
تخيل مدرسة يختار فيها الطلاب المناهج الدراسية الخاصة بهم، في حين يلعب المعلمون دورًا أشبه بالموجهين الذين يوجهونهم من خلال الأنشطة والموضوعات التي تُثير اهتمامهم. وبدلًا عن الواجبات المنزلية والاختبارات، يجري تشجيعك على ممارسة اهتماماتك، وتُقام المعارض الفنية التي تعرض أفلامك، وكتاباتك، وإبداعاتك، ويجري تشجيعك باستمرار على مواصلة تقديم المزيد.
هذا ما تتبناه الموجة الجديدة من المدارس التي تنتشر في العالم، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكي، والتي يعمل كثير منها على قلب النمط التقليدي للتعليم، وتحويله إلى أسلوب تعليم أكثر تخصصًا وتمركزًا حول شخصية الطفل واهتماماته الخاصة.
في حي تريبيكا بمدينة نيويورك، ظهرت مبادرة إنشاء مدرسة بورتفوليو الابتدائية، التي تتبنى سياسة الاختيار الموجّه للمناهج التعليمية، والتعليم المخصص وفقًا لشخصية الطفل، والذي تمتزج فيه التكنولوجيا مع الأنشطة التعليمية. تُطلق المدرسة نفسها على «المدرسة الصغيرة (microschool)»، التي تهدف إلى توسيع نطاق الإبداع لدى الطفل، وتعتمد على فلسفة أن الأطفال بحاجة إلى نموذج تعليمي متعدد المعارف.
يقول القائمون على المدرسة: إن نهجها القائم على الأبحاث يُعيد اختراع كل شيء من جديد، بما في ذلك المناهج الدراسية، وتصميم المساحات، وإدارة الفصول الدراسية، والجدول الزمني للدراسة، ودور المعلمين، بالإضافة إلى مشاركة الطلاب مع العالم الخارجي. وتُضيف نانسي أوتيرو، مهندسة برمجيات سابقة، ومديرة تصميم البحث والتعلم في مدرسة بورتفوليو: «مدرستنا أشبه بالاستديو، حيث جميع الأشياء متاحة طوال الوقت. لدينا مثاقب، وطابعات ثلاثية الأبعاد، وغيرها من الأدوات القوية، التي نُعطيها للطلاب ويمكنهم من خلالها التعلم والبناء».
![](https://s3-eu-central-1.amazonaws.com/sasapost-media/wp-content/uploads/20180827193310/Screen-Shot-2018-08-27-at-6.31.05-PM.png)
نانسي أوتيرو مع إحدى الأطفال بالمدرسة. المصدر: CNN
علاوة على ذلك تتبنى بورتفوليو سياسة عدم وجود واجبات منزلية إلزامية للطلاب، حسبما قالت نانسي أوتيرو: «إن الأبحاث قد أثبتت عدم جدوى الواجبات المنزلية في العملية التعليمية، والتي يُبدي بسببها بعض الأطفال عدم رغبتهم في تعلم الكثير. على الجانب الآخر، يستطيع الأطفال في بورتفوليو صناعة أشياء من البلاستيك، والتحدث، والكتابة، وعمل مقاطع الفيديو».
وقد صرحت الدكتورة شيرا ليبوفيتز إحدى المديرين بالمدرسة أنهم يسعون لجعل الأطفال لا ينظرون إلى التكنولوجيا على أنها شيء مخيف، بل يجري استخدامها ضمن أدوات متعددة في العملية التعليمية. وفي الوقت الحالي، تضم المدرسة 19 تلميذًا تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات، يتلقون تعليمهم في مساحة مفتوحة متعددة الأغراض، وتُخطط المدرسة للنمو واستقطاب 80 تلميذًا في غضون عامين.