التعليم الإلكتروني على مقاعد ذوي الإعاقة

برامج معهد الأبحاث فتحت آفاقاً جديدة لهذه الفئة بتطوير واستحداث برامج تعليمية

في ظل الأحاديث التي تكثر عن سلبيات التكنولوجيا، وكيف ساهمت الأجهزة التكنولوجية الحديثة بعزل الأطفال والكبار عن مجتمعاتهم، غفل الكثيرون عن واحدة من أهم إيجابيات التكنولوجيا، والتي تعود بالنفع على شريحة تكاد لا تكون قليلة في المجتمع الكويتي تحديداً، وهي فئة الأشخاص ذوي الإعاقة.
فقد وجد الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة ضالتهم في التعليم الإلكتروني، فما عاد تحصيلهم للعلم مشكلة اليوم، ولن تقف الإعاقة الجسدية ولا المرض حاجزا بينهم وبين التعليم والتطوير والعلاج، بل ساهمت التكنولوجيا الحديثة بالمساعدة على دمجهم بالمجتمع، وقد فتح معهد الكويت للأبحاث العلمية الباب واسعاً أمام هذه الفئة لنيل مرادهم.
في لقاء مع «الراي» سلطت القائم بأعمال مدير دائرة تطوير النظم والبرمجيات في معهد الكويت للأبحاث العلمية نورة الغرير، الضوء على إنجازات المعهد في قسم تقديم الدعم الفني للأشخاص ذوي الإعاقة من برامج لكافة الجهات التي تقدم خدماتها لهذه الفئة في الكويت. وقالت إن «قسم تقديم الدعم الفني للأشخاص ذوي الإعاقة، يعمل في الكويت منذ 1985، يقدم كافة أوجه الدعم الفني للجهات التي تقدم خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة داخل الكويت، مع المكفوفين ومع الصم وصعوبات التعلم والتوحد وكافة أشكال الإعاقة، وخدماتنا مميزة لأنها تقدم باللغة العربية، وكافة نشاطاتنا تكون بناء على طلب وحاجة الجهات نفسها التي نقدم لها خدماتنا».
وذكرت الغرير من الجمعيات التي قدموا لها خدماتهم، مركز تعليم وتقويم الطفل، الجمعية الكويتية للدسلكسيا، وحدة النطق والبلع، مستشفى سالم العلي، مستشفى koc لصعوبات النطق. ولفتت إلى أن «بعض الحالات نذهب لرؤيتها في المستشفيات، بالإضافة لخدمة الجهات الرسمية الحكومية مثل إنشاء مطابع لطباعة الكتب الدراسية للمكفوفين منذ عام 1994، وما زلنا نشرف على التطوير وعلى الصيانة».

«أبي أتعلم»
وقالت الغرير إن «إحدى الجمعيات التي توجهت للمعهد، هي جمعية أبي أتعلم، حيث إن مدير إدارة التربية الخاصة بالوكالة الدكتور سلمان اللافي أحد أعضائها، وهو أدرى بالأنشطة والمشاريع التي ننفذها في المدارس ومدى متابعتنا وحرصنا، وتوجه للمعهد بطلب مساعدة لمواجهة التحديات التي تقف أمامهم للتغلب عليها». وبينت أن «من ضمن التحديات التي يواجهونها، هو كون طلبتهم يعانون من أمراض تلزمهم بأن يرقدوا في المستشفى لفترات طويلة، سواء السرطان أو العظام، والمدرس المتطوع لتدريسهم ليس بالمدرس المنتظم مع الطالب لفترة طويلة، أضف إلى ذلك الطلبة الذين يتم علاجهم خارج البلاد، وصعوبة تدريسهم ومتابعتهم وعمل نظام اختبارات خاص بهم، وخاصة أن المناهج حكومية واللغة عربية».
أما عن النظام المطلوب تطويره لهم، فذكرت أنه يتكون من عنصرين مهمين، الأول عنصر المتابعة لكل طالب، وذلك بإدخال بيانات الطالب ووضعه الحالي ومتابعة الدروس التي تم شرحها وما هو أداؤه وتقييمه، والعنصر الثاني هو الذي يتم عن طريقه تقديم المادة التعليمية، ويجب أن تتم تغطية المنهج بالكامل من الصف الأول وحتى الثاني عشر، مضيفة «قمنا بتجهيز مذكرة تفاهم مع الجمعية ونحن في طور التوقيع».
ولفتت إلى أن «برنامج ماكتون هو برنامج تواصل لغوي، يستفيد منه كل من لديه قصور في التواصل، سواء التوحديون أو كبار السن الذين فقدوا القدرة على القراءة والكتابة، سواء أمراض شيخوخة أو غيرها، وأي أشخاص تعرضوا لإصابات أفقدتهم القدرة على القراءة والكتابة، وبعض الحالات الذين فقدوا الكلام». وتابعت «هو برنامج قائم على 9 مستويات، تحتوي الكلمات، ويبدأ تعلم المريض من المستوى الأول، وإذا لوحظ أن تعلمه سريع، يجمعون له أكثر من مستوى معا»، مبينة أن «في الكويت لدينا مركز ماكتون للكويت والخليج، وهو الذي يشرف على الخليج كله، وقد تفوق برنامج ماكتون الذي قمنا بتطويره، لدرجة أن ماكتون الأم في بريطانيا طلبت من ماكتون الكويت البرنامج ذاته».

الأفازيا
وأشارت الغرير إلى أن «لدينا في المعهد تعاونا مع مستشفى سالم العلي، ووحدة النطق والبلع في مستشفى الطب الطبيعي والتأهيل، على تطوير برمجيات للتواصل لحالات الأفازيا، والأفازيا هي الحالات التي فقدت القدرة على النطق، أي ما نسميه بالعامية فقدان الذاكرة، بمعنى أن يرى المصاب بالأفازيا ملعقة الطعام أمامه، ويحاول تذكر اسمها ولا يستطيع، على سبيل المثال». ومن أسباب حدوث الأفازيا، كما ذكرت الغرير، ضربات قوية على الدماغ، أو بسبب حوادث السيارات وهي كثيرة لدينا في الكويت، أو بسبب الأورام. وأضافت «حالات الأفازيا، صممنا لهم برنامجا، ينوب عن أخصائي النطق في جلسة مدتها 45 دقيقة لمرتين في الأسبوع فقط، ولكن البرنامج يرافق المريض طوال الوقت، كما أن البرنامج يمنع الحرج الحاصل للمريض من تعلمه النطق وهو ربما في عمر كبير. والبرنامج يتم تحميله على الآيباد ويخدم اللهجة الكويتية والمصرية، بناء على طلب مستشفى الطب الطبيعي والتأهيل، حيث إن الأعداد التي تعاني من الأفازيا لديهم كبيرة أغلبها من الكويتيين والمصريين».
وأردفت «طريقة البرنامج تعتمد على اظهار مجموعات تحتوي صورا، تشمل كل ما يحتاجه المريض خلال حياته اليومية، يختار المريض الصور المراد التدرب عليها، وينطق البرنامج بأسماء الصور، حيث لا يتوقع البرنامج أبدا قدرة المريض على القراءة»، موضحة أن عقب التدريب، يبدأ جزء الاختبار بإظهار الصور التي تدرب عليها المريض، وسؤاله عن كل واحدة فيها، ويتم تخزين نتيجة الاختبار ليراجعها المعالج فيما بعد.
وشددت على أن «الأفازيا من الحالات التي يكون للتدخل السريع فيها نتيجة كبيرة، وبسبب قلة أخصائيي النطق في الكويت، يتأخر تشخيص الحالة وبدء الجلسات، وبذلك يتم كسب الوقت ويبدأ التدريب على البرنامج».

حصيلة ضعيفة
وبينت الغرير أن «مستشفى الطب الطبيعي والتأهيل، طلب من المعهد تطوير برنامج بحالات الأطفال الذين لا تتناسب حصيلتهم اللغوية مع عمرهم، وقد كثرت هذه الحالات في الكويت كثيرا، وتعددت الأسباب، وأكبر سبب هو تجمع الماء في الأذن ما يؤدي لسماع الطفل للكلمة بطريقة خطأ، وبالتالي تضعف حصيلته اللغوية وتصبح غير صحيحة»، لافتة إلى أن «لهذه الحالات قمنا بعمل برنامج يحتوي بنكا من الكلمات، يشبه برنامج الكبار لكن بصورة أبسط تناسب عمر الأطفال».
وقالت «انتهينا للتو من مشروع مع مركز تعليم وتقويم الطفل بطلب من جامعة الكويت، وهو المركز الذي يخدم صعوبات التعلم في الكويت، سواء كان العسر القرائي أو عسر الكتابة أو عسر الرياضيات وغيرها، حيث قالت جامعة الكويت بأنها تشك بأن سبب التعثر الدراسي لبعض الطلبة لديهم هو بسبب صعوبات في القراءة، ودور المعهد كان بأنه بنى نظاما كاملا يعتمد على اختبارات قام المختصون في المركز بوضعها باللغة العربية، والنظام يشمل جميع الجامعات في الكويت وليس فقط جامعة الكويت».
وذكرت أن «الكويت كانت تستورد مصحف (بريل) من الأردن ومصر والسعودية، ومن ثم جاء مدير مطبعة النور رحمه الله الدكتور توفيق العودة وطلب بأن يكون لدى الكويت مصحف بريل خاص فيها، وكانت الطريقة الوحيدة لضمان طباعة القرآن بطريقة بريل بشكل صحيح 100 في المئة، هي أن يتم طباعتها أولا على صفيح، ومن ثم يتم سحب ألف نسخة من القرآن دون الخوف من الوقوع بخطأ». واستطردت «قدمنا مقترح المشروع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وبمبادرة كريمة من الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، قال هذه منحة وليست مشروعا، سأتكفل به بالكامل، وبالفعل دفعت المؤسسة كامل تكلفة طباعة المصحف، أخذنا التكلفة في المعهد وابتعنا الماكينة التي تطبع على الصفيح والمكبس الذي يسحب من الصفيح إلى الورق».

 

الراي الكويتية

قد يعجبك ايضا