ماذا قال التربويون عن تمديد العطلة الصيفية ؟
في الوقت الذي تدرس فيه وزارة التربية مقترحا لبدء عطلة نصف العام الدراسي اعتبارا من بداية الأسبوع المقبل ولمدة 45 يوما أكد عدد من التربويين رفضهم لهذه الفكرة وطالبوا بضرورة استمرار التعليم خاصة وان التعلم عن بُعد ليس بنفس التعلم التقليدي، مشيرين إلى أنه يحتاج إلى مضاعفة الوقت لاسيما وان الوقت المحدد لتدريس الطالب فترة قصيرة وغير كافية.
وقالوا لـ«الأنباء» إن الطلبة في الأساس لم ينتهوا من مناهج السنة الماضية ومن المفترض ان يتم تعويضهم، منوهين إلى أن هناك بعض الطلبة في رياض الأطفال، وفي الصفوف الأول والثاني والثالث لم يحصلوا على تعليم حقيقي وذكروا أن الإجازة الطويلة ستكون عائقا كبيرا أمام اكتساب المعلومات والاستمرارية في التعليم موضحين أن الحديث عن تعطيل الدراسة اعتراف صريح بالعجز وعدم القدرة حتى في التفكير لإيجاد حل لتقييم الفترات الدراسية.
وأضافوا أن قرار التعطيل لفترة طويلة قد يجعل المتعلمين أكثر خمولا وغير مهيئين لاستقبال الفصل الدراسي الثاني، وعلى الأهل اعتبار هذه الإجازة فرصة للاستفادة من الدفء العائلي ولمساعدة أبنائهم على تنمية شخصياتهم ومداركهم وقدراتهم الذاتية، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد عضو هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة الكويت د.عبدالله الفيلكاوي على ضرورة اعادة النظر في توجه وزارة التربية لتعطيل 45 يوما بين الفصلين أو ما تسمى بعطلة الربيع والتي كنا نسميها في السابق عطلة الـ 5 أي بمعنى مدتها أسبوعان، مشيرا الى أنها تصل الى 45 يوما في وقت اغلب طلبتنا بحاجة إلى عملية التعلم خاصة أن فترة دراسة الطلبة أونلاين ساعتين غير كافية.
وأضاف الفيلكاوي أن الطلبة في الأساس لم ينتهوا من مناهج السنة الماضية ومن المفترض ان يتم تعويضهم، لافتا إلى ان هناك بعض الطلبة في رياض الأطفال وفي الصفوف الأول والثاني والثالث لم يحصلوا على تعليم حقيقي ويعتمدون فقط على ما يتم تسجيله من قبل المعلم دون وجود تعليم تفاعلي بين الطالب والمعلم.
وأوضح أن عطلة مدتها 45 يوما تعادل عطلة صيفية لبعض دول العالم وليس استراحة بين فصلين دراسيين، داعيا وزارة التربية إلى ضرورة دراسة الموضوع جيدا والنظر للتعليم نظرة ذات أهمية وأن يكون للتعليم أولوية لدينا، مشيرا إلى ان هذا الكلام قد لا يقبل به البعض لكن هذا هو الواقع إذا أردنا فعلا الارتقاء بالعملية التعليمية.
عائق كبير
من جانبها، قالت مراقبة رياض الأطفال بمنطقة مبارك الكبير التعليمية سمر العماني ان بداية تجربة التعليم عن بُعد لا تخلو من بعض السلبيات إلى جانب الإيجابيات، فتم رصد بعض سلبيات التعليم عن بُعد، وأبرزها افتقاد البيئة الدراسية التفاعلية الجاذبة بين المعلم وطلابه، وعدم وجود العدالة الكاملة بين المتعلمين بمستواهم الدراسي الحقيقي
فكيف ستكون الإجازة بعد كل هذا 45 يوما حيث ستعطل فكر ومدارك المتعلم مرة أخرى، مشيرة الى أنه للتو يبدأ يتعلم من الطريقة الجديدة فبهذه الطريقة سنخلق جيلا من صفاته الجهل وسيكون هناك جيل صغير يكاد ان يبدأ يتعلم ولكنه بمستوى محو الأمية.
وأضافت العماني أن الإجازة الطويلة ستكون عائقا كبيرا أمام اكتساب المعلومات والاستمرارية في التعليم لأن هناك شهرا فضيلا سيقترب في الوصول في شهر ابريل فكيف للمعلمين بالمرحلة الابتدائية تقديم الحصص في هذه الفترة؟ وأيضا هناك أمهات ولديهن أسر وسيكون وقتا للاستعداد لتجهيز الفطور فسيرهق المعلمات والمعلمين في هذه الفترة.
وقالت: لما لا تعطى الإجازة لمدة أسبوعين، ومن ثم يبدأ الفصل الدراسي مبكرا للانتهاء قبل شهر رمضان، وبعد رمضان تكون الفترة خاصة للمرحلة الثانوية؟ ناهيك عن الواقع الذي نحن فيه الآن واعتماد الطالب على ولي أمره في متابعة التقارير والواجبات والاختبارات، موضحة ان هذا واقع فعلي لا نهرب منه سيقوم ولي الأمر يكمل مهمته في شهر رمضان.
وأضافت العماني كذلك سيكون هناك شعور بالعزلة الدراسية بسبب غياب المناقشات الجماعية والحوار بين المعلم والمتعلم والبطء في استجابة ورد الطالب أو المعلم على بعض الاستفسارات فيما بعد، موضحة أن الإجازة طويلة وستبعد المتعلم بعدا كبيرا عن التعلم.
استغلال الإجازة
بدورها، أكدت مديرة المدرسة والمستشار الإداري والتربوي والدولي د.كلثوم حسين أننا لا ننكر أن أزمة فيروس كورونا تسببت في تغييرات كثيرة على نمط حياتنا بما فيها إجازة منتصف العام الدراسي وكيفية الاستفادة من أوقات الفراغ وكسر الروتين، مشيرة الى انه على الأهل اعتبار هذه الإجازة فرصة للاستفادة من الدفء العائلي ولمساعدة أبنائهم على تنمية شخصياتهم ومداركهم وقدراتهم الذاتية، واستغلال طاقاتهم في أنشطة مفيدة من خلال ممارسة الأنشطة والهوايات وتقوية العلاقات الأسرية والتقرب من الأبناء.
وأضافت د.كلثوم حسين: كما أنصح أولياء الأمور باستثمار الإجازة بطرق ترتقي بمهارات الأبناء، بحيث تكون ممتعة ومسلية ومتنوعة بنفس الوقت لتساهم باستعادة الطاقة الإيجابية بوضع جدول زمني يتضمن كل ما يجب القيام به خلال اليوم، مع تحديد ساعات لدعم الأبناء لمراجعة دروسهم، إضافة إلى تنمية مهاراتهم الشخصية مثل الرسم أو الطهي أو ممارسة الرياضة أو أي هواية محببة لهم، وتفويضهم بالمساعدة في الأعمال المنزلية والصيانة وغيرها من الأعمال التي تسهم بتنميتهم الذاتية وتقوية شخصياتهم وتعزيز الثقة بالذات، لافتة إلى أن الإجازة فرصة للاستفادة من الدفء العائلي، لذلك يجب على أفراد الأسرة العمل على إنجاحها لقضاء عطلة جميلة وممتعة مع العائلة.
الخوف من الخمول
من جانبها، أشارت الاستشارية النفسية والتربوية د.زينب محمد الصفار إلى توجه وزارة التربية لبدء عطلة الربيع مبكرا بعد قرار إلغاء الاختبارات النهائية، حيث تكون العطلة 45 يوما، وهنا تكمن المشكلة، مشيرة إلى انه من وجهة نظري يجب أن ينظر إلى التعليم في الكويت نظرة جادة، حيث تبين في تقرير للبنك الدولي عن الهدر خلال السنوات الدراسية أن الكويت الأخيرة خليجيا في عدد الساعات الفعلية للتعليم، وهذا الشيء يعد كارثة بحق التعليم.
وأضافت د.الصفار أن المتعلمين خلال فترة التعليم عن بعد لم يتلقوا التعليم الكافي، لاسيما أن مدة الحصة الدراسية قصير جدا مقارنة بوقت الحصة أثناء التعليم التقليدي، وبعض الدروس كانت تقدم بشكل حصص غير متزامنة (مسجلة)، كما أن بعض الجزئيات في المنهاج الدراسي لم تدرس بشكل متعمق لضيق وقت الحصة الدراسية بالنسبة للمعلم مع عدم حذف أي جزئية من المنهاج الدراسي لجميع المراحل التعليمية.
وأوضحت أنها تجربة جديدة على دولة الكويت وبدأت بشكل متأخر جدا بعد مكوث الطلبة في المنزل 7 شهور تقريبا. لافتة الى ان من إيجابيات هذا القرار أن المعلمين والمتعلمين وأولياء أمورهم سوف يحصلون على فترة راحة نفسية بعد فترة من الضغط والتوتر الذي حصل بسبب التعليم عن بعد ومتطلباته المختلفة مع عدم وضوح العديد من القرارات المتعلقة به، في المقابل أرى أن بعد تطبيق مثل هذا القرار سيكون لدى المتعلمين المزيد من الفقد في الكثير من المهارات سواء التعليمية أو النفسية أو الاجتماعية، بالإضافة إلى أن ذلك القرار قد يجعل المتعلمين أكثر خمولا وغير مهيئين لاستقبال الفصل الدراسي الثاني، مؤكدة انه إذا أردنا أن نطور عملية التعليم في دولة الكويت فلابد أن يكون التعليم أولى أولوياتنا، وأن يكون المتعلمون قد أخذوا تعليم كافيا ومتميزا من خلال أنظمة التعليم المختلفة.
اعتراف صريح
من جهته، بيّن مدير مدرسة عبدالرحمن العبدالجادر المتوسطة للبنين محمد الظفيري ان الحديث عن تعطيل الدراسة اعتراف صريح بالعجز وعدم القدرة حتى في التفكير لإيجاد حل لتقييم الفترات الدراسية، وهو ما طالبنا به في مارس الماضي بأن يكون لدينا خطة هجين ما بين التعلم عن بعد والتعليم الواقعي، تكون على فترتين صباحية ومسائية بما لا يتعارض مع الاشتراطات الصحية، موضحا ان الترحيل والتعطيل ليس حلا إطلاقا، ومن الخطأ التعامل مع التعليم على أن الجائحة سوف تزول غدا ونعود للمدارس والاختبارات الورقية! وذكر انه مضت أشهر ولم نفكر كيف ننجح في إدارة أزمة التعليم في ظل الجائحة وهو المطلوب من اليوم الأول، مشيرا إلى أن الاختبارات الإلكترونية ليست مستحيلة ويمكن تطبيقها من خلال العديد من البرامج المتطورة، فهناك العديد من الدول التي مازالت تقدم أكثر من حل، فالتقويم بالنهاية هو مقياس ما تحصل عليه الطالب من مهارات ومعلومات وليس حكما بنجاح الطالب أو رسوبه هو وسيلة للارتقاء بمستوى الطالب إلى مستوى أفضل.
وأوضحت أن ترحيل اغلب درجات الطلبة إلى نهاية العام نحر للطالب والمعلم وأولياء الأمور ومغامرة غير موفقة، خصوصا أنه من غير المنطقي أن تتعلم عن بعد وتؤدي اختبارا ورقيا من على مقاعد الدراسة.
وأضاف الظفيري ان تراجع الكويت خلال السنوات الماضية في التعليم الواقعي لجميع المؤشرات سيتبعه تراجع مرعب في التعليم عن بعد بلا أدنى شك.