انطلاق قمة «وايز 12» في الدوحة للابتكار في التعليم
الشيخة موزة تدعو لوضع القيم الإنسانية في صميم التعليم وتحذر من تبعية الإنسان للذكاء الاصطناعي
انطلقت في الدوحة قمة وايز 12 للابتكار في التعليم تحت شعار “الإنسان أولاً: القيم الإنسانية في قلب النظم التعليمية”
تستمر ليومين وتجمع آلاف الخبراء لمناقشة دور التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي.
الدوحة – وكالات: شهدت العاصمة القطرية الدوحة اليوم الإثنين انطلاق الدورة الـ12 من القمة العالمية للابتكار في التعليم (وايز 12)، التي تُنظمها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وتستمر ليومين (24-25 نوفمبر 2025) في مركز قطر الوطني للمؤتمرات. وتأتي القمة تحت شعار “الإنسان أولاً: القيم الإنسانية في قلب النظم التعليمية” (Humanity.io: Human Values at the Heart of Education)، وتجمع أكثر من 4 آلاف مشارك من قادة تعليميين ومبتكرين وسياسيين وخبراء من جميع أنحاء العالم لمناقشة كيفية جعل التعليم مركزاً على الإنسان في ظل التطورات التقنية السريعة، خاصة الذكاء الاصطناعي.
وفي كلمتها الافتتاحية، دعت الشيخة موزة بنت ناصر، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر، إلى جعل القيم الإنسانية محور النظم التعليمية، مؤكدة أن “التعليم ليس قطاع خدمة عام مثل غيره، بل هو حق متوارث لا يمكن التنازل عنه، يرتكز عليه الكرامة الإنسانية والعدالة والنهضة”. وأشارت إلى أن المنصة جاءت لكسر القوالب التقليدية وتشجيع التفكير خارج المألوف، محذرة من تحول التعليم إلى سلعة أو امتياز، وداعية إلى مراجعة عميقة للخطاب العالمي حول المعوقات التعليمية، لا الإنجازات فحسب.
وأبرزت الشيخة موزة التفاوت المعرفي العالمي، مشيرة إلى أن البشرية ليست مجتمعاً واحداً بل مجتمعات تتحرك في أزمنة معرفية متباينة، خاصة في العالم العربي وأفريقيا وأجزاء من آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث يغيب تمثيلها عن المنصات العالمية إلا في حالات فردية. كما أعلنت عن إطلاق مؤشر جديد لقياس جودة التعليم، يقيم الأداء الأكاديمي مع دمج القيم الاجتماعية والثقافية في العملية التربوية.
وتطرقت إلى تسارع التطورات في المعرفة والتكنولوجيا، معتبرة أن الذكاء الاصطناعي يمثل “تحدياً نوعياً” لأنه يتنازل الإنسان عن جزء من ذكائه لآلة تفوق قدراته، محذرة من مخاطر توسع تطبيقاته دون مبادئ أخلاقية، مما قد يؤدي إلى تبعية تكنولوجية تهدد حرية الإنسان. وتساءلت عن مستقبل التعليم: هل ستبقى المدرسة التقليدية أم سيفرض الذكاء الاصطناعي نماذج “فردانية التلقي” غير مرتبطة بالمكان والزمان؟ وأكدت أن وضع القيم في قلب النظام التعليمي هو “رد اعتبار للعلم وللإنسان”، داعية إلى تعليم يعزز الحق والعدل والجمال لتحرير الإنسان لا استعباده.
من جانبها، أكدت هال. لولوة الخاطر، وزيرة التربية والتعليم العالي القطرية، أن القمة منذ انطلاقها أعادت التفكير في دور المتعلم كشريك في صناعة المستقبل، مشيرة إلى أن التكنولوجيا “انعكاس للعقل البشري في محاولته الفهم والابتكار”. واستعرضت التجربة التعليمية في قطر، من التعليم الشفهي في المساجد إلى إنشاء أول وزارة (المعارف) في الخمسينيات، كدليل على أن “الإنسان هو الأصل الذي تتكئ عليه الدولة”، وأن الاستثمار في وعي الأجيال أساس بناء المؤسسات.
وأشارت إلى توجيهات القيادة القطرية التي جعلت الإنسان وقيمه محور المشروع الوطني، رابطة جودة التعليم بقدرة المتعلم على اتخاذ قرار واعٍ في عالم متعدد الأصوات. كما لفتت إلى شعار اليوم الوطني القطري لهذا العام “بكم تعلوا ومنكم ننتظر”، الذي اختاره أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كتأكيد على الرهان على قدرات الشباب لا الثروات الطبيعية أو الحلول المستوردة.
وتُعد القمة منصة ديناميكية تهدف إلى تعزيز الابتكار التعليمي عبر مبادرات في صياغة السياسات والبحوث والقيادة وبرامج الممارسين، مع التركيز على مواضيع مثل توازن الابتكار مع الاستجابة الثقافية، دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الأساسي، استراتيجيات التعليم العالي والتعلم مدى الحياة، تطورات التكنولوجيا التعليمية، ودور التعليم في الفرص الاقتصادية وبناء المجتمعات.
وفي سياق متصل، حضر الشيخة موزة جلسة مستديرة رفيعة المستوى أعلنت فيها تشكيل قوة عمل وطنية لتعزيز الرفاه الرقمي للشباب، برئاسة هال. الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائبة رئيس مجلس إدارة المؤسسة، لجعل مكافحة الإدمان الرقمي لدى الأطفال والمراهقين أولوية وطنية.